دخلت الحرب الأهلية السورية، التي بدأت قبل 14 عامًا، مرحلة جديدة من التصعيد، حيث تنتشر الاشتباكات في مناطق مختلفة، مما يعيد تشكيل ديناميكيات الصراع.
كان الرئيس بشار الأسد يتوقع إنهاء العزلة الدولية المفروضة على حكومته منذ عام 2011، مع إعلان النصر على الجماعات المسلحة المعارضة. ومع ذلك، واجه نكسات غير متوقعة؛ حيث فقدت قواته السيطرة على أراضٍ استراتيجية، بما في ذلك مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا وأحد أعمدتها الاقتصادية.
في نوفمبر 2024، اندلعت اشتباكات عنيفة في غرب محافظة حلب، حيث شنت القوات المعارضة هجمات منسقة ضد قوات الحكومة السورية وميليشيات حزب الله التي تدعمها. جاءت هذه الهجمات بعد أسابيع من الغارات الجوية الإسرائيلية على قواعد قريبة، مما ساهم بشكل غير مباشر في خلق ظروف مكنت المعارضة من التقدم والسيطرة على مواقع استراتيجية جديدة.
الأطراف المتحاربة
يشمل الصراع السوري شبكة معقدة من الأطراف المحلية والدولية ذات المصالح المتباينة:
1. الحكومة السورية وحلفاؤها
• يحظى نظام الأسد بدعم رئيسي من حلفائه، بما في ذلك روسيا وإيران وحزب الله.
• توفر روسيا دعماً جوياً ومساعدات عسكرية حاسمة، مما يعزز من قوة قوات الأسد.
• تقدم إيران دعماً استراتيجياً من خلال الميليشيات الشيعية وتوريد الأسلحة.
• يساهم حزب الله، الجماعة المسلحة اللبنانية، بشكل مباشر في العمليات العسكرية على الأرض.
2. المعارضة المسلحة
• تتألف المعارضة من فصائل متعددة، بما في ذلك الجيش السوري الحر (FSA)، الذي يضم بشكل رئيسي ضباطًا وجنودًا انشقوا عن الجيش النظامي. تنضم إلى هذه المجموعات فصائل إسلامية وأخرى متحالفة بشكل فضفاض.
• تلقت بعض فصائل المعارضة دعماً مادياً ولوجستياً من دول غربية ودول الخليج، مما يضيف أبعاداً إقليمية معقدة للصراع.
3. الأكراد السوريون
• تعد ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، وهي جزء من قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، لاعباً رئيسياً في النزاع. بدعم وتسليح من الولايات المتحدة، لعبت قوات سوريا الديمقراطية دوراً محورياً في مواجهة تنظيم داعش والسيطرة على أجزاء من شمال سوريا.
• تعارض تركيا الطموحات الكردية لتحقيق الحكم الذاتي، حيث شنت عمليات عسكرية ضد وحدات حماية الشعب، معتبرةً إياها تهديداً لأمنها القومي ونواة محتملة لدولة كردية مستقلة.
الوضع الراهن
تؤكد التطورات العسكرية الأخيرة على تعقيد واستمرار الصراع السوري دون حلول قريبة. تسعى الأطراف المتحاربة لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، مما يترك فرصاً ضئيلة للتوصل إلى تسوية.
عمل الرئيس بشار الأسد على إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج والمجتمع الدولي الأوسع. وحقق بعض الإنجازات، مثل إعادة فتح سفارات السعودية والإمارات في دمشق. ومع ذلك، فإن عودة الهجمات المعارضة وخسارة الأراضي الحيوية وجهت ضربات كبيرة لاستقرار نظامه وشرعيته.
يواجه الأسد حالياً أكبر تحدياته منذ عام 2014، وهو العام الذي استطاعت فيه قواته سحق معظم المعارضة واستعادة أجزاء كبيرة من الأراضي. إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن نتيجة الصراع لا تزال غير واضحة، ولا يبدو أن نهايته قريبة.